Tuesday, November 20, 2007

الطيرة

نامت حدي طيور الشوك

وعحدي نامت لطيور

تغني مربع عمقسوم

وتحكيلي بالغنية

عن يافا وستي فيها

والإيام تداريها

محروسة بعين المحروم

وستي بيافا صبية

طلعت يوم تلقط تين

تلقط يوم بشهر سنين

وشافت عوجهه المرسوم

أخبار بدون الخبرية

وصارت تتطلع فينا

والمينا من خلف المينا

وذابت من ليلي لنجوم

ولسا كانت ضهرية

قلتلها أعطيني السلة

وإسبقيني عالتلة

قالت لي في سبع حلوم

السلة بتخر المية

ولما وصلنا عالجبل

لقيتنا سراب الحجل

وبيّن اليوم المشؤوم

شوية قبل العصرية

وتخبينا في عرق السور

شوية نطل شوية نغور

وإنحرقت باقي لكروم

وراحت بشربة مية

شارع المكتبة

أمسكتُ بيديْكِ فارتَعَشَتْ بعضُ أوراقِ الشجرْ

وأوتيتُ بخمر ٍ من غانيةٍ،

فَتَرنَّحْتُ مِنْ نَشْوَةِ الصَحْوَةِ،
وحالاتُ القمرْ.

وكنتِ تُصَلِّينَ لآلهةِ الصمتِ،

فينامُ الصمتُ في كفيّكِ

وينزلُ عليكِ
في كلِ مساءٍ مطرْ.
وتَمُرِّينَ في حيينا قُبيلَ رُفوفُ الشنانيرِ، وأشرعةَ المسافرينَ،

وأستسقاءً أتوقُ إليكِ حاملا ً شباكَ خزفٍ مزركشٍ بالألوانِ القديمةِ

وتُفتَحُ أبوابُ بُحَيْرَتي لِما تَبَقَّى منَ الخوفِ والحبِ ... فترحلينْ!؟
ويتحولُ الرحيلُ إلى لوحةٍ مشرذمة ِالملامحِ كالجرائدِ القديمةِ في الصورْ.

المسكوبية

وجدتُ في البيتِ أولُ البيتِ

وزاويةَ الشارعِ الجبليِ الغريقِ

وكنتُ أتسللُ في رائحةِ الحيِ

كدخانٍ رطبٍ

يجتاحُ غُرَفَ النومِ

والزمنَ العتيقْ.

وملامحٌ خشنةٌ من طفولتي

باتتْ تبانُ كرائحة ِالقدر

قدرٌ من ذاكرةٍ

والذاكرةُ قمرْ.

وقفتُ في مفترقِ الشارعِ أبحثُ عن أشياءَ تَسْتَفِّزَني، عن عملةٍ قديمةِ أقتنيها، وعن أشياءَ لا أعرِفُها وتعرِفُني، حتى أُمْسِكُ بها، فَتُمسِكُ بي ... وأضَعُها في جيبي لمدة يوم ٍ في حياة زهورِ الياسَمينْ وأُغْمِضُ عينيَّ وأُصْغي بصمتيَّ لصوتِ سيارةٍ قادمةٍ من بعيد ٍ لأستفيقَ من حالاتِ الحافةِ قُبيلَ الكارثةْ.

التحدّي ضجيجْ

فأضعُ ذاتي على زاويةٍ جديدةٍ في الحيِ .. ليَّ

فلا تنالَ مني نظراتُ المارةِ الفضوليةِ في كل عصر ٍ ... ليَّ

وبينَ العُشْبِ الرَطْبِ في الحاكورةِ المجاورةِ، في بيتٍ ليَّ

الحبُ ليَّ

ولي أسرارٌ في كلِ شيءٍ ليَّ

الحيُ ليَّ.

فجلستُ تحتَ عامودِ الكَهْرُباءِ في ليلةِ صيف ٍ

وإضاءة النيون تُعطي إيحاءا ً بالبردِ والوحدةِ، وبالذاكرةِ التي تَستَتِبُّ خلفيَّ بصمت ٍ مذهل ٍ في الحديقةِ الأماميةِ للبيتْ، وبحياديةٍ حذرةَ لا تستفيقُ الحديقةُ من بردِ الإضاءةِ ولا من دفءِ لحظة ٍ من شمسِ الروحِ تعومُ كالغبارِ في محاذاةِ الرصيفِ ولا تكادُ تصلُ منتصفَ الشارعِ حتى تُدارِكُها حدودُ الخوفِ من أولِ العتمةِ ...

نأيُ الحقيقةُ الآنيةُ ليَّ ... وشغفٌ بالقلبِ قديمْ، كانَ ليَّ.

وتذوبُ تلكَ الحالةُ من خشونةِ الشارعِ وإنسيابِ ملامسةَ الضوءِ نحوَ ظلالُ وجهيَّ الصغيرْ،

نحو قمريْ

ونحو أغنيةً إستحوذتني في اللحظةِ التي باتتْ تَعْرِفُني فيها مُنذُ البِدءِ أوراقُ الشجرْ.

تبانُ بضعُ ظلالٍ من حقيقةٍ يوميةٍ من ضبابِ مساءِ رام الله ومن عالمِ يختبئُ خلفَ البيتِ وفي أوديةِ العتمةْ ..

ظلالُ الروحِ تنحسرُ ويدركُ ظليَّ الضوءَ الباردَ فأنتَظِرُ شروقَ الشمسِ وأختبئُ في عالم ٍ من ضوء ٍ يَمْلئُني بالعتمةْ ..

العتمةُ إنكشافٌ، والضوءُ خوفْ ...

الصوتُ بردٌ، والصمتُ شمسْ...

اتحوصلُ في قاعِ العتمةِ وتنامُ في سريريَّ إضاءتي الخفية
وبردُ عتمةِ الموادِ القطنيةِ على بدني يهتزُ من دفءِ وردة ٍ، كانت ليَّ

مررتُ على ذاتي في أزقةٍ

الشارعِ أزقتي
وذُهِلْتُ برؤيةِ الطيورِ تهاجرُ فوقَ عالم ٍ

لهُ من بقايايَ سنبلة
وحلمتُ حينها

بأولِ شتاء ٍ ينثرُ على وجهيَّ بداياتُ المطرْ ويبعثُ في الطريقِ رائحةَ غبارَ الصيفِ الرطبِ ..

فأعانقُ طيبَ إخضرارِ شجرِ الخرّوبِ لأنامَ على ما تبقى من دفءِ الرصيفِ وأنتهي ..

وتنتهي عفقةٌ من العتابا وتنحني

وأنحني نحو قدر ٍ من الإنذهالِ بالنهاياتِ وأرتمي

وترتمي فوقَ زهورَ الصيفِ فتنثني

وأنثني والأرضُ لا تتذكرُ الأسماءَ

بل تسيرُ كأنهر ٍ في الليلِ غريبُ الأطوارِ تسيرُ

وصوت ٌ خافت ٌ يركضُ مع حبيباتِ الماءِ

ويسيرُ على شبّاكيَّ المنصهرُ في دموعِ الزجاجِ

وعلى إنشغاليَّ في عوالم ٍ من عالمٍ ويطيرُ

لقد سحقتني الحقيقةُ ولاحقتني كملائكةِ موتٍ تهيمُ فوقَ الأدراجَ المعشوشبةَ التي تفتحُ أبوابَ السماء، وكنت أتشبَّثُ باللاشيءِ وخطواتي تحملُ قناديلَ الروحِ وإيقاعاتُ البناديرْ ... تهيمُ، والملامسةُ شتاءْ

لم َ تَسقِني الماءَ بعدَ الماءِ ولمْ تقل لي كُن سالما ً في سلامِ الشتاءْ

وهِمْتِ أنت وأنا بِتُّ

أحدِّقُ في غيرِ ذاتي بذاتيْ

وببضعِ أغان ٍ وقصائدً مشوشةً تستبيحُ نعومةَ أظفاري

وتَترُكُني أتدلىَّ على أسلاكِ عواميدِ الكَهرُباءِ كثيابٍ باليةٍ قديمةٍ من غيرِ كلام ٍ، كلاميْ

وتّتّرَّقّبُ تّحّرُكاتيَّ نَظَّارَتُكَ الذهبيةُ وصوتُ حجارةَ طاولةَ الزهرِ

وحجارتي ترقصُ بنَزَقٍ وتَسْتَذْوِقَ طَعْمَ ولادةَ الفكرةَ المتحجرةَ بين أصابعي،

ترتطمُ في حائطِ البيتِ المجاورِ وَتصْدُحُ مع كلِ إرتطام ٍ نشوةَ الرُطامْ.

هكذا خبأتُ سيجارتي الأولى،

بين حجارةَ السناسلْ
وخبأتُ معها أبرأ الأسرارَ وحجابا ً من آخرِ ملامحِ طفولتي

الأسرارُ ضعفْ

والإنكشافُ قوةْ

وهكذا نثرتُ أحرفاً مشقلبةً على قارعةِ الطريقِ

وتركتُ مساحةً صغيرةً لجملِ الحبِ أن تتكون حينا ً،

وتذوبُ حينا.

فغدا الحبُ سرياليا ً والطريقُ مسرحا ً لرؤى الفراغْ

أولُ الحبِ خوفْ

والعشقُ هُوَّةْ

ونظرتُ على بيتيَّ من شرفةِ بيتي

وكانتْ تنزلقُ نظراتُهُ والرؤى كَمَنْ يَتْرُكُ ولا يَتْرُكُ مَوْطِنَ الرؤى

كَمَنُ يدركُ ولا يدركُ موطئَ القدمينِ فيهيمُ في السقوطِ فَتُحَوِّلُهُ حواديتَ الصباحِ الى عزيزِ دفءِ الأمكنةِ فيَذْرُفُ على كلِ باقةِ شمس ٍ وردةْ.

أستغفر ليَّ ذنوبيَّ قبلَ حلولَ القمرَ الأزرقَ قُبيلَ شجيراتِ السرو؟

ظننتُ الجنةَ مكانا ً ليَّ!

أتَتْرُكَني أُحَلِّقُ في أسطحةِ البيوتِ لأجدَ بيتا ً عَلَّهُ بيتي؟

ظننتُ البيت ليَّ ؟

عزيزةٌ تلك الأيامُ مرتْ

ومَرَّتْ على بيتنا مُلامِسَةً الحنينِ إلى لحظةْ

ومَرَّتْ رفوفُ الحمامِ على قرميدِ بيتِ جارَتِنا وفَرّتْ،

ومَرَّة ً تعودُ ومرةً،

تقفُ بضعُ غربان ٍ تَقْطُفُ أولَ ثمرةٍ من براءة ٍ،

كانت ليَّ،

ثم ليَّ مرة

مقدمة


تّستَحوِذُني العودةُ ولا أعودُ لشرفةِ البيتِ

ولإنبثاقِ رائحةَ السوسنْ

ويراني ذلكَ الشارعُ المنهمكُ في ذاتِه،

طفلاً صغيراً يرتعشُ من كَثْرَةَ الخوفِ والحبِّ

فتتحولُ الغريزةُ إلى رغبةٍ قاسيةٍ ونشوةُ الإدراكِ إلى ألمْ:

سأموتُ وحيداً، ظّنّنْتُ! فّمِتُّ!


Monday, November 19, 2007

الشوارع


نتوق للأمكنة التي تصنعنا وللحواس التي تتشكل في ثنايا الأمكنة فتتكون أول فكرة عن ماهية العالم وماهيتنا. وإذا كانت الأمكنة تخلق لنا نماذجا ً وقوالبا ً ترسم لنا حدود العالم المحيط بنا، أحيانا ً تغامر الغريزة فينا وتوجه أنظارها نحو عوالم وأمكنة أخرى تضيف على كينونتنا الكلية مساحة جديدة للإرتجال والمقايضة والإنكشاف على الآخر. فحدود الآخر حدودنا، وماهيته على حافة وعينا. والتعامل مع الآخر عبر صيغ فكرية ومكانية تلامس شبه الحقيقة المطلقة التي تحيط بنا تجعل منا أشبه بأنابيب تجارب ما تلبث أن تصوغ ذاتها بمعزل عن مفاهيم الزمن وإسقاطاته. فإذا كانت الشوارع كحالات مشوشة من ذاكرة المكان والزمن الآني والتاريخ والحدث، فإن وقعها علينا يتمحور حول تجارب الطفولة وإستغراق الحواس في الإدراك. ففي ظل تدفق محدودية الأمكنة الفكرية فينا وفيها، يكون لكل زمن وقع آخر في الذات يتشرذم في ذاته وفي ذات المكان ومفهوم المكان. فكما الأمكنة تفرض علينا مركزا ً فكريا ً في التعامل مع المحيط، كذلك اللأمكنة. وكما يفرض الزمان علينا التعامل مع مجريات الأمكنة وعلاقتنا مع الآخر وآخرنا، كذلك مفهوم اللازمن. هذا النص يعبر عن تدفق حالات الروح في مفهوم الزمن والمكان وفي مفهوم اللازمن واللامكان. هنا برأيي تبدأ معايير الإنسانية بمحدودياتها التاريخية بلعب دور ٍ بديل ٍ عن المفاهيم التقليدية لإعادة الصياغة والتعبير وتكون هي بمثابة الأداة الجديدة التشكيلية الأصيلة التي تتجاوز ذاتها نحو التعبير عن مناطق في الروح تكون بالأصل قد خرجت مفهوميا ً عن مصادر الوحي التقليدية والصيغ التقليدية. هذا النص هو تعبير مكثف عن مكان الذات وزمن الذات في زمن اللأمكنة وأمكنة اللازمن.

عيسى بولص